الأمر فى يدك: تستطيع أن تجعل أوقاتك مباركة أو مؤلمة …. لقد وضع الله أمامك الطريق، وترك الأمر لحريتك. فإن لم تستطع أن تجعل كل أوقاتك مقدسة، فعلى الأقل حافظ على قدسية أيام الرب: آحاده وأعياده ، وأصوامه. يوم الرب، يمكن أن يصير ذخيرة مقدسة للأسبوع كله، وخميرة تخمر العجين كله، ويمكن أن يكون مجرد يوم عطلة. ياليت حياتك كلها، تصبح سبتاً للرب. عملاً من الأعمال لا تعمل فيها، سوى عمل الرب وحده ……!!!! كثيرون يضيعون أوقاتهم، ويأتون آخر النهار فيجدون أنهم لم يعملوا شيئاً !!! وقد يستيقظ إنسان فى سن الخمسين أو الستين، فيجد أنه أضاع عشرات السنوات من حياته، دون أن يستفيد شيئاً….
ما هو الميت من أيامك، وما هو الحى ؟؟!! ما هى الأيام التى تحسب من عمرك؟ وما هى الأيام التى بلا قيمة ولا حساب؟ ما هى الأيام المحفوظة لك فى اليوم الآخير؟ وما هى الأيام التى يملكها الشيطان؟. ما هو نصيب الرب فى حياتك؟ ما الذى يحصده من تعبك؟
عندما يأتى الله ليحصد الحنطة التى فى حياتك، كم هى السنابل التى يضمها إلى أجرانه ؟ سيقول لك: قد أعطيتك عمراً طويلاً، فماذا أعطيتنى منه؟ كم هو إكليروس وقتك، أعنى نصيب الرب فيه؟………أنظر إلى حياة إنسان كبولس الرسول، وكيف كان وقته للرب. عشرات السنوات من حياة الناس، لا تساوى ساعة منها ……لك حياة، ولكنك لا تعرف كيف تستغلها. صدقنى، إن جميع سكان الجحيم، يشتهون دقيقة واحدة من حياتك. يشتهون دقيقة، يقدمون فيها توبة، أو يعملون فيها عملاً لخلاصهم. أما أنت فتملك دقائق كثيرة، بل أيام، بل سنين فماذا فعلت؟ وماذا ستفعل. لم يغلق الباب أمامك، كما أغلق أمامهم …..عندك الكثير، وأخشى أن تنفق أيامك بعيش مسرف، كالأبن الضال…..كل يوم يمر من حياتك، قد أنتهى، ربما تندم عليه، ولكنك لا يمكن أن تسترجعه، أو تسترجع ما حدث فيه. أن كنت قد ضيعت من حياتك سنوات، ليتك تحرص على ما بقى منها. ليتك تعوض ما فاتك. كلحظة اللص اليمين التى عوضت عمراً طويلاً أكله الجراد …. نشكر الله إنه ما تزال فى العمر بقية، ما تزال هناك فرصة للتوبة، وما يزال الروح القدس يعمل فينا لخلاصنا.
فلنعمل إذن ما دام نهار، ولنضع أمامنا قديسى التوبة، كأوغسطين وموسى الأسود ومريم القبطية، الذين أستطاعوا أن يعوضوا الماضى كله، فأبيض أكثر من الثلج، وفاقوا كثيراً من القديسين الذين بدأوا الطريق قبلهم بسنوات….. ما أغلى أوقات القديسين، تصرخ أمام الواحد منهم "إمنحنى دقيقة واحدة من وقتك. دقيقة يمكنها أن تغير حياتى. يمكنها أن تحل كل مشاكلى. دقيقة تكون لى بركة ومنفعة".
الذين حياتهم فراغ، لا يشعرون بقيمة وقتهم، بل قد يدركهم الملل والضجر، إذ لا يجدون ما يشغلهم و يسليهم. أما أنتم، فكونوا أصحاب رسالات، ولتكن لكم أهداف كبيرة، حينئذ ستشعرون بقيمة وقتكم, وستجدون أن مسئولياتكم أكبر بكثير من وقتكم، فتحسون كم هو الوقت ثمين وغال.