كان شاباً مات أبوه وعمره 11 سنة وماتت أمه بعد 3 شنين وسنة 14 سنة ثم عين ضابطاً بالجيش في سن 15 وأخذ مركزاً مرموقاً. أحب مارمينا مخلصه وصديقه يسوع، فوزع أمواله بشجاعة علي إخوة يسوع الأصاغر .
لما رأي الروح القدس صدق قلب مارمينا ومحبته للمسيح، وجد فيه جوهرة ثمينة فحرضه علي ترك العالم – وأخذه الي البرية ليختلي به ويخفيه عن العالم لكي يقوده في عشق إلهي للمسيح في الصلاة، في الهذيذ في كلمة الله والحياة بها، في النسك والسرور في حمل الصليب الي أن حول حياة مارمينا الي أنجيل معاش. وهكذا يكمل الروح القدس كل رفقته ومسيرته مع قديسنا ويهبه كل ما يطلب لخلاص نفسه ويسهل له كل شوق قلبه في الأختفاء والبعد والسلوك بمسلك المسكنه والأتضاع ... وأخر الأمر عندما أطمئن اروح القدس علي عمق صداقة مارمينا قادة الي أعلان عمق حبه لصديقه يسوع المسيح – قاده الي نيل أكليل الإستشهاد في أروع عصور الإستشهاد مع البابا بطرس خاتم الشهداء .
فعلاقة مارمينا بالرب يسوع عن طريق الروح القدس هي علاقة حب : يصلي حباً في الحديث مع صديقه – والرب يسوع يفرح به ويضع يده علي كتفه – يصوم ويزهد في الللذة الأرضية من عمق لذته في العشرة الإلاهية – ويحتقر العالم من شدة إلتصاقه بصديقة الدائم – يقرأ الأنجيل ليس للدرس ولا للواجب لكن بدون شبع من كلمات الصديق الحبيب لأن من ألتصق بأمرأة صار واحداً معها ومن ألتصق بالرب فقد صار روحاً واحداً ( 1 كو 6 : 16 – 17 )، هذا هو منهج الحب مع القديسين .
و بعد أن أختفي مارمينا عن الأنظار، وساعده الروح القدس علي الأختفاء إذ باروح القدس يعود بنفسه فيكشف كل أعمال القديس التي أكملها له في الخفاء ونمت ونضجت تحت أرشاده الخاص لتكون شهادة فاخرة للمسيح ولقد أعلن الروح مسيرة مارمينا عن طريق شفاء أبنه الملك حتي ذاع صيته في المسكونة كلها والأجيال كلها. بلغ صيته الي أقصي شمال أوربا ( أيرلندا ) ... والي أقصي جنوب أفريقيا .
إن كان الأنجيل المكتوب بالحبر والقلم يبقي مئات السنيين، فكم بالحري الأنجيل المكتوب بريشة الروح القدس ويد الرب يسوع يبقي الي الأبد .
أن حياة مارمينا إنجيل معاش ذاع الي أقصي المسكونة كالشمي التي لا يختفي شئ من حرارتها ( مز 18 ). والروح القدس عندما يزيع حياة قديس ليس محتاج الي وسائل أعلام قاصرة من راديو وتلفزيون وأقمار صناعية ولكن هذا يذيع سيرته بطريقته الخاصة كالشمس التي لا يختفي شئ من حرارتها – ورغم التخريب الشديد التي شهدته مدينة مريوط وكنيسة القديس إلا أن الله أراد أن يحيي ترابها ويجدد شبابها بأن سخر القديس الأنبا كيرلس في هذا العمل العظيم.
و التاريخ يشهد أن السبعة رهبان الذين كرزوا بأسم المسيح في أيرلندا كانوا من دير مارمينا ( فأول كنيسة بنوها في أيرلندا بأسم مارمينا ) ولمارمينا متحف كامل في مدينة فرانكوفرت أعظم مدن ألمانيا الغربية حيث أن العلامة الذي أكتشف أثار المدينة سنة 1907 حمل معه 100 صندوق خشب كبير مملوء بالأثار العظيمة، كذلك متحف اللوفر في باريس ...
ناهيك عن قوارير المياة المقدسة التي كان يحملها الحجاج عند عودتهم من مدينة مارمينا ... توجد هذه القوارير في جميع أنحاء العالم، كل هذا عن طريق أذاعة الروح الألاهية التي تقوم بأحدث وسائل الأعلام، والتي تدوم عبر الأجيال .
صداقة القديس
و ننتقل الأن من صداقة المسيح الي صداقة القديس، ودليلنا القوي علي ذلك حياة الأنبا كيرلس السادس في صداقته العميقة لمارمينا - يشاركه في أفكاره ويطالبه بشفاء مرضاه, يحملة مسؤليتة حل مشاكل خدمتة - يعاتبة أحيانا. وهكذا أستمر العمل بين الصديقيين حتي الممات حيث كانت الوصية التي أتمها بالحرف الواحد البابا القديس الأنبا شنودة الثالث – أدام الله حياته للكنيسة وكان يوماً مشهوداً ورهيباً عندما حمل قداسة البابا شنودة جسد البابا كيرلس ليستودعه بجوار صديقه الحبيب. ولقد كانت وصية البابا كيرلس أن يدفن في أعظم كاتدرائية بنيت في عهده، بل أن يدفن بجوار حبيبه كما كان الأنبا بولا الطموهي مع الأنبا بيشوي .
وصداقة القديسيين أمر كنسي رائع، فالطيور علي أشكالها تقع فالذي يصادق قديس يشابهة في صفاته، في صلاته، في عباداته، في أفكاره ... ولذلك يحثنا سفر النشيد قائلاً : " أن لم تعرفي أيتها الجميلة بين النساء فأخرجي علي أثار الغنم وأرعي جدائك عند مساكن الرعاة " ( نش 1 :8 ) .
فالغنم هم القديسيون ونحن نخرج علي أثارهم ليعرفونا طريق المسيح الذي صاروا اليه، فما أجمل يا أخي أن يكون لديك صديق صدوق من القديسيين، رغم أن كل القديسيين هم أحبائنا وسحابة شهادتنا.
القمص بيشوي كامل
عائلة القديس
إن القديس أبا مينا هذا الكوكب العظيم هو إبن من أبناء مصر العزيزة. إذ يرجع أصله الي بلد نيقيوس مركز منوف محافظة المنوفية. ولذا نفخر نحن به كمصريين لأنه شرف جنسنا. وقد عاصر أثنان من باباوات الأسكندرية هما الأنبا ثاؤونا البطريرك السادس عشر في عداد البطاركة ( سنة 282 – سنة 301 )، والأنبا بطرس خاتم الشهداء البطريرك السابع عشر ( سنة 302 – سنة 311 ). وكان والده النقي الطاهر يدعي أودكسيس وهذا كان أبن Plondianus الحاكم ولكثرة فضائله وتقواه ذاع صيته وأشتهر جداً.
حسد عدو الخير
ولكن حدث أن أثار الشيطان نار الحسد في قلب أخيه أناطوليوس لأن الجموع كانت تحبه لوداعته وورعه وتقواه، وتكرمه أكثر منه، فأستغل ما له من دالة عند الملك كارينوس وكتب الي راجياً إباه تدبير مؤامرة ضد أخيه أودكسيوس ةالد القديس، لكن الملك بعد التشاور مع رجاله لم يذعن فطلب الحاكم الثأر أناطوليوس، بل رأي أن يربح الأخرين بطريقة لا يخدش فيها كرامة أودكسيس وإنما له مركزه كحاكم. فبعث ايه مع قائده Hypatos بأمر تعيينه حاكماً علي مدينة أفريقية القديمة عوضاً عن حاكمها الذي كان قد مات. وكان علي القائد أن يرافقه في تنقلاته مع عائلته وخدمة ممتلكاته الي أن يطمئن عليه ويريحه في مقرة الجديد. وبالفعل قام Hypatos بتنفيذ المهمة التي كلف بها .
أما شعب نيقيوس المحب فقد حزن عليه حزناً شديداً حتي أن أخاه أناطوليوس نفسه ندم علي فعلته.
أبن الصلوات
كانت أوفومية زوجة أودكسيوس والدة القديس إمرأة تقية مواظلة علي أصوام وصلوات الكنيسة. ولأنها كانت عاقراً كانت تطلب كثيراً من الرب يسوع أن يهبها نسلاً طاهراً وكانت تصوم لذلك الي المساء وتقدم صدقات كثيرة للغرباء والأرامل والأيتام .
و في أحد أعياد أم النور العذراء القديسة مريم الموافق 21 طوبة تقاطرت الجموع علي الكنيسة – وكانت كنيسة السيدة العذراء بأتريب – ( هكذا يذكر السنكسار، كتاب مارمينا ص 26 ) وهم فرحون متهللون. وحضرت أيضاً والدة القديس ضمن هذا الحشد الكبير ولم تكن مبتهجة كباقي الشعب، بل كانت حزينة منكسرة لاسيما كلما تطلعت لمن حواليها وهن يحملن أطفالهن. ثم وقفت بأنسحاق أمام العمود الذي عليه أيقونة والد الإله ورفعت قلبها وتضرعت الي الرب يسوع بدموع ولجاجة. وبينما هي قائمة هكذا تصلي وتتوسل الي والدة الإله القديسة مريم رفعت يدها لكي تغمس أصبعها في زيت قنديل الموقد أمام الأيقونة وبينما كانت ترفع عينيها الي أعلي سمعت صوتاً من فم يسوع المسيح الرب الممسم بأمه التول وهو محمول علي ذراعيها يقول أمين، فوقع عليها خوف عظيم وأختلطت مشاعرها بالفرح والخوف، ولكنها ظلت قائمة تصلي الي أن أنتهي القداس الإلهي. فمضت الي بيتها وأخبرت البار أودكسيوس رجلها بكل ما حدث وعن الصوت الذي سمعته فامتلأ بالفرح العظيم الذي للروح القدس وقال لها : " أن ثقتنا هي في ألهنا القادر أن يفعل كما سمعت لأن أمين تعني هكذا يكون " .
و بعدها مباشرة تم تنفيذ الوعد الإلهي فأحسست بالحمل وكانت تترقب بكل نقاوة يوم ميلاد طفلها حتي كملت الأيام ووضعت مولودها ( إبن الصلوات ) وكانت ممتلأ من كل نعمة وكل جمال في الرب وذلك حوالي سنة 285 م.
نشأة القديس وتربيته
و أرادوا تسمية الطفل بأسم جده بلوديانوس، ولكن أمه القديسه أوفومية رفضت بسبب كلمة " أمين " التي كانت قد سمعتها فدعت أسمه " مينا " قائلة إن مينا هي أمين ( معني وحرفاً باللغة القبطية ). وحدث في ذلك اليوم فرح وأبتهاج عن كثير حتي أن أودكسيوس أمر بالأفراج عن كثير من المسجونيين، ووزع صدقات كثيرة علي المحتاجين والأرامل والأيتام .
أهتم والده بتنشأته تنشئه روحية عميقة أزاء تمكينه من الحصول علي قسط وافر من التعليم أيضاً فتهذب مينا بتعاليم الكنيسة وأنغرست في نفسه النقية بذار الفضيلة التي زرعها أبواه اللذان كان يحثانه علي الدوام علي قراءة الكتاب المقدس الذي هو أنفاس الله. فنما مشغوفاً بقرأة الكتاب المقدس وبالتردد علي الكنيسة ليلاً ونهاراً، وسلك في طريق التقوي فكان يدرب نفسه علي الصلاة الدائمة واضعاً نصب عينيه قول الكتاب " صلوا بلا أنقطاع ".
نياحة والديه
و ما أن بلغ الحادية عشر من عمره حتي أنتقل أبوه الي الفردوس في شيخوخة صالحة حوالي سنة 296 وبعده بثلاث سنوات أي حوالي سنة 299 لحقت به أوفوميه والدة القديس. ولأن مينا كان مؤمناً بزوال هذا العالم الزائف فأن أنتقال والديه وهو في هذا السن المبكرة لم يهزة قط – بل تعزي كثيراً مؤملاً التمتع بشفاعتهاما من أجله حتي يكمل جهاده مثلهما.
و هكذا كما ورث أبويه ثروة كبيرة من الأموال والممتلكات ورث أيضاً ثروة كبيرة من الروحانية. وظل في تكريسه لخدمة الله الذي كان يشغل كل قلبه ووقته.
دخوله الجندية
وبعد مرور سنة أي حوالي سنة 300 صدر منشور ملكي بأستدعاء جنود الجيش وبالرغم من أن مينا كان لم يزل شاباً صغيراً لا يتجاوز الخامسة عشر من عمره لكنه كان قوي الجسم مملوء من النعمة والشجاعة فتقد للجندية وأخذه فرميانوس القائد الأكبر للجنود صديق أبيه أودكسيوس وجعله التالي له علي كل الجيش فأحبه الجميع للطفه وتقواه .
في البرية
ولكن حدث أن صدر منشور من قبل الملكين الجاحدين دقلديانوس ومكسيميانوس يأمران فيه بالسجود للأوثان وتقديم القاربين لها. وبلغ ذلك القانون أفريقية وقرئ علانية. فبادر الحكام بتنفيذ أوامره في كل الأوساط وشاع هذا الخبر وسط الجند أيضاً. فلم يحتمل القديس أبا مينا أن يري الكثيرين وقد سقطوا صرعي أمام خداع الشيطان الدنئ. فقام في شجاعة ووزع كل ثروته وممتلكاته بين المحتاجين، ورحل الي الصحراء ليتمكن من التمتع بالعشرة الألهية في عبادة نقية مع فادية وحبيبه، مردداً قول داود في المزمور :
" وقد رأيت عصياناً وخصاماً في المدينة ولذلك كنت أتجول بعيداً وظللت في القفر " مز 52 : 9، 7
رؤيا القديس
وبعد أن قضي وقتاً طويلاً في البرية أي حوالي خمس سنوات في نسك كثير وأصوام وصلوات مع هذيذ .......
حدث في أحد الأيام بينما هو قائم يصلي أشرقت نعمة الله عليه من السماء فرفع عينيه ورأي الشهداء الذين أتموا جهادهم وهم يكللون بواسطة الملائكة فيؤخذون الي السماء ويضيئون أكثر بهاء من الشمس. عندئذ إشتاق في قلبه أن يصير شهيداً علي أسم ربنا. وسمع الرب يسوع أنات قلبه هذه الملتهبة حباً. وإذ بصوت من السماء يرن في تلك الساعة قائلاً " مبارك أنت يا أبا مينا لأنك دعين للتقوي منذ حداثتك. لذلك سوف تحصل علي ثلاث أكاليل لا تفني ولا تزول بحسب أسم الثالوث المقدس الذي من أجله قد جاهدت :" واحد من أجل بتوليتك "، وواح
من أجل حياتك النسكية، وواحد من أجل أستشهادك. هذا وسوف يصبح أسمك مشهور بين الشهداء. لأني أجعل الناس من كل قبيلة ولسان يأتون ويعبدوني في كنيستك التي ستبني علي أسمك وفوق ذلك كله ستحصل علي مجد لا ينطق به ومجيد في ملكوتي الأبدي ".
إستشهاد القديس
نزوله الي العالم
عندما سمع المطوب هذا الكلام الإلهي أحس بشحنة روحية قوية تملأه، ونشوة من الفرح تغمره. وأخذته غيرة مقدسة فقام علي الفور وترك الصحراء ليمضي الي المدينة ويعترف جهاراً بأسم فاديه الحبيب فوقف في وسط الجمهور وأخذ يردد قول الكتاب المقدس ويصرخ ويقول بصوت عال :
"وجدني الذين لم يطلبوني، وظهرت لأولئك الذين لم يسألوا عني" أش 65 : 21، رو 10 : 20 .
فذهل الجمهور لهذا المنظر وحدث وصمت ولم يستطيعوا الكلام لأن هيئة القديس أبا مينا كان تحفها الوقار والهيبة بالرغم من مظهره النسكي وملابسه الخشنة حينئذ أخذ القائد يتسائل عما حدث : فأجابه البطل الشجاع " أنا مسيحي " فتعجب القائد جداً وقال له : " هل أنت تعطل الأحتفال السنوي بعيد الملوك مزدرياً بأوامرهم ؟ " وفي أثناء تساؤل القائد كانت أنظار الجموع تحدق بالقديس وتتفرس فيه وفي طلعته البهية وملبسه الحقير وشجاعته النادرة. وإذ ببعض الأتباع ( أتباع الملك ) يصرخون في وجة البطل قائلين للقائد ( بعد أن أخذتهم الحيرة والدهشة ) " نحن نعرف هذا الشاب جيداً فمنذ حوالي خمس سنوات كان يعمل جندياً في الفرقة المسماة لدتورياكون تحت قيادة فريميانوس البطل " !
أندهش القائد لساعته وأنتهر القديس قائلاً " يا هذا لماذا تركت جنديتك ؟ ّ وفوق الكل لماذا أعترفت أنك مسيحي " ؟ ! أجاب القديس " أنا جندي حقاً ز لكني أثرت أن أكوزن جندياً لربي يسوع المسيح لأجل مرضاه إسمه القدوس ".
القبض عليه
فأمر القائد بألقائه في السجن الي أن يخضع لأوامر الملك ويقدم السجود لألهته. ولكنه عاد وأستحضره في اليوم التالي وأخذ ينتهره قائلاً " أيها الكافر كيف تجرأت وأتيت في وسطنا بالأمس ولم تبالي بالشريعة ولم تخش الملوك ؟ وأجاب القديس في أتزان " لقد أجبتك بالأمس فكما قلت هكذا أعود ولأقول أيضاً إن عبادتكم دنسة " ...
قال القائد " أنظر كم نحن مترفقون بك، وكم نحن صبورون من أجل شبابك وبالأخص بسبب أنك جندي وإبن أحد قادة الجيش ..... والأن أخبرني أين كنت وأين ذهبت بعد أن تركت جنديتك أثناء تلك الفترة الطويلة " ؟!
أجاب القديس " إني أخترت بالأحري أن أنطلق لأسبح إلهي وأنا تائه في البراري والقفار وفي جوع وعري ساكناً وسط الحيوانات المتوحشة عن أن أعيش في العالم وأهلك في تنعم مع الضلال لأنه مكتوب في المزامير : " لا تهلك نفسي مع تلك للكافرين ولا حياتي مع تلك التي لرجال الدماء " مز 26 .
فأحتار القائد من شجاعته وحاول أستلطافه ليرجع عن معتقده ويقوم ليقدم ذبيحة للألهة فيصنع مسرة للملك ز أخذ يعده بمنحه رتباً عالية تفوق رتبة أبيه ... لكن القديس كان يجيب في وداعة أنه لا يهمني شئ من هذا كله وإنما طلبي الي ألهي ومنقذ حياتي من الفساد أن يهبني الإكليل الذي لا يفني ....
عذابات القديس
جلده بسيور جلد الثور
ضاق صدر الملك منه فأمر بأن يمدوه ويجلدوه بسيور من جلد الثور اللين الي أن تتشبع الأرض من دمه. ولما فعلوا به كان متهللاً لاهياً في الإسم المحبوب الذي كان قد تعود ترديده طول اليوم منذ طفولته. حتي تعجب الجميع فصاح به الأمير قائلاً : " إرحم شبابك وجمالك وأنهض ضح للألهة قبل أن يهلك جسدك ".
أجاب المطوب " كيف .... وهل أتخلي عن ألهي ؟ فلن يفصلني عنه شيئاً لا شدة ولا ضيق ولا إضطهاد ولا سيف .... " .
تعليقه علي الهيرميتاريم ( Hemetarim ) الهمبازين وكشط جسده .
حينئذ أمر القائد بأن يذيقوه أمر العذابات حتي يرجع عن عناده، وأصدر أوامره بتعليقه علي الهيرميتاريم وكشط جسده، حتي ظهرت عظامه منفصله، ووقف القائد غليظ الرقبة يناديه من وسط العذاب قائلاً " هل تشعر يا هذا بالعذاب أم لا ؟ " فأجاب القديس " إن عذاباتكم هذه إنما هي رأسمالي فهي تعد لي الأكاليل أمام المسيح ملكي وألهي ". تعجب القائد من لغة البطل هذه وتساءل " هل ألهك يا مينا يعرف أنك تقبل كل هذه الألام من أجل إسمه ؟ " أجاب البطل القديس : " كيف لا ونحن لحمه وعظامه وأعضاء جسده وهو الفاحص القلوب والكلي ويعرف الخفيات والظاهرات وإنما هو يسمح لنا بهذه الألام لينقينا ويطهرنا وكما أن الذهب لا يمكن أن ينقي بدون أن يصهر في النار هكذا غير ممكن أن نرضي المسيح بدون ألم. فنارك هذه بالنسبة إلينا مثل النار التي فيها يتنقي الذهب وبعد ذلك تنقضي سريعاً. أما نار جهنم التي تنتظر الأشرار سوف تحرق الي الأبد ".
عندئذ دهش القائد وقال له " إني أشفق عليك فهل تريدني أتركك يومين أو ثلاثة لكي تبتصر ".
أجابه القديس " لقد أنتهيت من التبصر جيداً قبل أن أتي الي هنا بزمان، وتأملت جيداً العالم كله المقضي عليه بالفناء ".
تمزيق جسده بسحبه علي أوتاد حديدية
فأحتدم القائد غيظاً وأمرهم أن يحضروا أوتاداً حديدية حادة ويثبتوها ثم يسحبوه عليها الي أن يتمزق جسده كله وكان القديس محتملاً الألم بفرح وتهليل وأخذ ينادي الأمير قائلاً " ماذا تظن أيها الشقي هل كل عقاباتك هذه وعذاباتك تستطيع أن تزحزحني أو تفصلني عن محبة المسيح ؟ ألا تعلم أنه مكتوب
من سيفصلني عن محبة الله التي في المسيح يسوع. أشدة أم ضيق أم أضطهاد أم جوع أم عري أم خطر أم سيف " ( رو 8 : 35 ) .
تدليك جسده بمسح شعر
وبعد أن تمزق جسد القديس كله أمر القائد أن يحضروا مسح شعر ويدلكوا بها جراحات جسده ولكن الرب يسوع الحنون لم يجعل القديس يشعر بشئ فلم يتأثر مطلقاً.