تحكي القصة عن راهبين يحبوا بعضهم محبة شديدة و نزلوا للعالم لبيع عمل
أيديهم فسقط أحدهم في خطية زنا و توقفنا مع يوحنا بعد أن علم أن أخيه
أندراوس بداخل بيت الخطية
اندفع يوحنا للداخل يبحث عن أخيه حتي
وجده يبكي داخل احدي الغرف ...فاحتضنه بقوة ثم قال له : هيا بنا يا أخي
نعود للدير ونرجع لحياتنا مرة أخري .
فأجابه أندراوس : لا يا أخي لقد أغواني الشيطان فسقطت و زنيت مع هذه المرأة و دنست جسدي و لم أعد أصلح للرهبنة بعد
وهنا
قفزت لرأس يوحنا فكرة أو لنقل ألهمه بها حبه لأخيه الملتهب بالروح القدس
فقال لأندراوس : كم أنت أبر مني يا أخي ...فأطل أندراوس بعينيه في دهشة
فأطرق
يوحنا رأسه خجلا وقال له : بعد أن تركتني سقطت أنا أيضا في ذات الخطيئة
لكني خشيت الاعتراف بها قلت في نفسي أن أكتمها و لا يعرف بها أحد
أما
أنت فقد اعترفت فورا بخطيتك و قد قال الكتاب ان اعترفنا بخطايانا فهو امين
و عادل حتى يغفر لنا خطايانا و يطهرنا من كل اثم (1يو 1 : 9) لذلك فأنت
أبر مني.
هنا بدأ أندراوس يعيد تفكيره و قال ليوحنا : و هل تظن يا أخي
أنهم يقبلوننا في الدير بحالتنا المزرية هذه بعد أن نقضنا نذر بتوليتنا و
أفسدنا رهبنتنا
فقال يوحنا : يا أخي الحبيب ان كان الله قد قبل الابن
الضال و لم يأنف من رائحته الكريهة التي للخنازير تجعل الأباء بنعمة الرب
يقبلوننا في الدير و بكلام مثل هذا بدأ يوحنا يطيب قلب أخيه أندراوس حتي
أقنعه أنه مشترك معه في خطيئته و أقنعه أيضا بالرجوع للدير ....و عادا
فعلا للدير و لكن عجبا لهذا الحب فقد تقدم يوحنا في الكلام و اعترف لأباء
الدير بأنه و أخيه أخطئا في خطية زنا و يطلبون الصفح و التأديب فجمع
الأباء مجمعا لمحاكمتهما ..قرر فيه الأباء أن الراهبان لا بد أن يخضعا
لتأديب صارم من جهة الدير ووضعوا عليهما قانون تأديب و حبس في القلاية (
لم يكن هذا بشئ هين علي الاطلاق بل قانون قاس جدا في التوبة ) و ما أن
خرجا حتي أخذ يوحنا يحث أندراوس علي أن يتمما معا قانون التوبة
و عاد
يوحنا لقلايته و يا للعجب لقد بدء هو أيضا في تتميم قانون توبة أخيه برغم
أنه كان يمكن أن يعتذر و يكشف الأمر لأب اعترافه سرا و يكفيه فخرا أنه عاد
بـأخيه من الهلاك للحظيرة مرة أخري لكن الحب لا يعرف الأعذار.
و استمر يوحنا يتمم قانون التوبة هذا عدة شهور ,, حتي أن السماء لم تحتمل المنظر ان يبذل أحد نفسه هكذا بالكامل عن أخيه
ففي نصف مدة التأديب ظهر السيد المسيح بنفسه لرئيس الدير و قال له : اعف عن الراهبان لأن أحدهما مظلوم و يحمل ثقل أخيه
فعفوا عنهما معا و عادا لمجمع الدير مرة أخري
أخي
الحبيب .. هل عرفت أخيرا معني الحب انه ليس ذاك الذي تصوره لنا الأفلام
بمجموعة عواطف ملتهبة أو كلمات و مشاعر و أحاسيس ..هو ليس أني أحب اصدقائي
واخوتي بالكلام بل هو حب باذل يقاس بمقدار العطاء و التضحية و التعب
..فالعواطف سريعا ما تفتر و تبرد أما الحب الباذل فهو لا يفتر أبدا و هكذا
أيضا علمنا الكتاب لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد (يو 3 :
16)فلا يوجد حب بدون بذل ...فاذا وجد احكم عليه بنفسك انه....غير حقيقي...
و صدقني أيضا ليس حب حقيقي كاااامل ..مثل حب ربنا يسوع
قول أباء :
الهى..
أنت تحتضن وجودى برعايتك ، وكأنك لا تتطلع لآخر سواى.. تسهر علىَ وكأنك
نسيت الخليقة كلها.. تهبنى عطاياك وكأنى أنا وحدى موضوع حبك .. ليتنى أحبك
يا إلهى كما أحببتنى أولاً .
القديس أغسطينوس