الزعيم
قصة حقيقية
شعر " وفيق " برغبة
شديدة بخدمة الآخرين ، لم يرغب أن يلقي عظة أو يقوم بتبرع ، لقد تمنى أن
يخدم " الذين ليس لهم أحد يذكرهم " و المتروكين و المشردين. بعد صلاة
عميقة ، عرض رغبته على أب إعترافه ، يا أبي إني أريد أن أخدم " أولاد
الشوارع " ، فقال له أبونا : إن الأمر ليس بهذه السهولة يا " وفيق " يا
بني و يحتاج لحكمة كبيرة حتى لا تعرض نفسك للخطر ، ربما إنك لا تتصورإنك
ستقابل مدمنين وحرامية ، لكن أمام رغبته الصادقة ، قال له أبونا ربنا معاك
يا ابني. عرض الأمر على أصدقائه ، سخر منه الأغلبية إلا واحد انضم إليه.
أخذ
الأسبوع الأول لا يعمل شيئا سوى الصلاة و اكتشاف هذا الجو العجيب .... هذا
ينام على الرصيف و آخر في محطة ترام ليحتمي من البرد القارص في الشتاء و
أطفال يدخنون و يشمون و يسرقون وينشلون.
حاول الاقتراب منهم و
دعوتهم لتناول " سندوتش " كل يوم خميس في إي مكان يختارونه ، توجس منه
البعض و سألوه : هل أنت بوليس أم مباحث ؟ لكن تدريجيا أحبوه هو و صديقه و
صارت جلسة الخميس جلسة محبة و كانوا يلقبون أنفسهم بأسماء مستعارة " الوحش
" ، " الأسد " ، " الغول " .......
و عندما وثقوا في "وفيق " أخذوا
يحكون له قصصهم..... واحد يتيم الأبوين و واحد تعلم النشل من والده إلا
أحدهم ويدعى " الزعيم " كان غامضا و لا يتحدث عن نفسه إطلاقا و كلما حاول
" وفيق " التقرب منه كان يهرب منه ، لكن " وفيق " ظل يصلى له.
و
بعد مرور سنة قال له الزعيم إنه يريد أن يتحدث معه على انفراد ، و على غير
عادة الزعيم في إلقاء النكت والقفشات ، بكى ... بكى أكثر مما بكى في حياته
كلها .... و قال له :
" أنت تحدثني عن محبة الآب السماوي ، كيف
أدرك حب الآب و أنا لا أشعر به ، فقد طردني أبي ( المدير العام ) من البيت
في القاهرة منذ 3 سنوات ومن يومها و أنا مشرد حاقد على كل الناس "
طلب
منه " وفيق " أن يسافر معه لمقابلة والده ، فأكد له الزعيم إنه لن يفتح له
الباب ، و أخيرا قرر " وفيق " أن يذهب للوالد بدونه ، سافر للقاهرة و هو
يتضرع لله أن يعطيه الحكمة و عندما فتح أبو الزعيم ، قال له "وفيق " أنا
خادم في كنيسة ...... فقال له ببرود : أنا مشغول ، أنا مبتبرعش بفلوس
للكنيسة.
لم ييأس " وفيق " بل طلب منه 10 دقائق فقط لأن الموضوع
يخص ابنه نبيل عبد المسيح ، فقال له الأب : ابني مات منذ 10 سنين ، فقال
له وفيق : كلا لم يمت ، بل يحيا حياة بائسة منذ طردته من سنتين ، لا يجد
لقمة العيش و لا دواء عندما يمرض ولا غطاء في الشتاء القارص ولا بيت
يأويه. انهار الأب وبكى وجاءت الأم مسرعة عندما سمعت اسم ابنها ، قال الأب
: هل تعرف ماذا فعل بي ابني ؟ لقد سرقني ، فضحني وسط الجيران والمعارف ،
رفع السكين على أمه لكي تعطيه الفلوس التي يصرفها على المخدرات .....لقد
أصبح مجرم..... حرامي
قال له "وفيق" : سأسألك سؤال واحد ، هل تريد
أن يرجع إليك أم يقضي باقي عمره هكذا ؟ إذا أردت رؤيته فأتصل بي في منزلي
غدا الساعة 7 مساءا وسوف تتحدث معه..... وتركه ونزل.
رن جرس التليفون قبل الـ7 مساءا .....ابني ابني ، أرجوك سامحني يا ابني تعال ، أنا سامحتك على كل شئ ، سامحني أنا كمان.
وضع
الزعيم السماعة وارتمى في حضن " وفيق " و قال له : لن أنسى لك هذا الجميل
مدى العمر، لقد أدركت الآن مدى حب الآب السماوي ، إن كان أبي الأرضى قد
سامحني على كل ما فعلته ، فكم يكون حب أبي السماوي.
سافر الزعيم بعد أن ودع أخواته و أصدقائه و لكن قبل أن يذهب لأبيه الأرضي ، ذهب يشكر أبيه السماوي و قدم توبة حقيقية.
هل تنسى المراة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها حتى هؤلاء ينسين و انا لا انساك ( اش 49 : 15 )